المقال ده بيستكشف نظرية التلاعب، عن طريق إنه يفكك التلاعب لأجزاءه الأساسية، ويكوّن تعاريف مفيدة وموضوعية، وكمان يقدّم نصايح عملية إزاي تتلاعب بالناس
أول جزء من المقال مهتم بشكل أساسي إنه يقدّم أفكار ويشرحها، علشان يبني أساس للفصول العملية اللي جاية بعد كده في المقال.
مهم تفتكر إن أغلب المعلومات اللي هنا عامة، لإن التلاعب الفعّال محتاج تصرفات بتتناسب مع كل موقف لوحده.
بدل ما يقولك تعمل إيه بالظبط، المقال ده هيديك القدرة إنك تكوّن استراتيجيات تلاعب فعّالة، مهما كانت أهدافك أو الموقف اللي انت فيه.
فيه أمثلة موجودة علشان توضح السياق لبعض النصايح العامة اللي في الكتاب، وتوريلك إزاي تطبّق المعرفة بشكل عملي.
وكمان، المقال بيغطّي مجالات ليها علاقة بتكوين وتنفيذ استراتيجيات تلاعب فعّالة، زي التحليل، وقراءة الناس (cold reading)، ولغة الجسد.
المقال لا يعتبر إن التلاعب حاجة شريرة في الأساس، رغم إن ناس كتير بتربطه بحاجات سلبية. المواضيع الأخلاقية اللي حول التلاعب هنتكلم عنها في جزء مخصص.
بعد ما تقرأ المقال، المفروض يكون عندك فهم أعمق لتصرفاتك وتصرفات اللي حواليك. هيكون عندك أساس قوي في ميكانيكا التلاعب، يديك القدرة إنك تاخد قرارات بنفسك لو حبيت تتلاعب بالناس، وكمان تعرف إمتى حد بيحاول يتلاعب بيك.
وعلى عكس النصابين اللي بيقولوا إن عندهم طرق سحرية تعرف بيها مين بيكدب أو تخلي الناس تطيعك في كل حاجة، الكتاب ده صريح بخصوص حدوده، وبينصح بالحذر في الأماكن اللي تستاهل الحذر.
يعني إيه تلاعب؟
من أهم الحاجات إننا نحط تعريف واضح للتلاعب علشان نقدر نكمّل المقال على أساسه. من غير ما نفهم بالظبط إيه اللي يُعتبَر تلاعب، هيبقى صعب جدًا نفرق بينه وبين أشكال تانية من التأثير.
رغم إنك غالبًا عندك فكرتك الخاصة عن يعني إيه تلاعب، بس من المهم إنك تمشي على تعريف المقال، علشان تقدر تستوعب النصايح العملية اللي جاية في الفصول اللي بعد كده.
أفكار أساسية
بشكل عام، التلاعب هو محاولة إنك تأثر على تصرفات أو نظرة الناس.
معظم التعريفات بتزود حتة إن التلاعب بيتم "عن طريق وسائل فيها إساءة أو خداع أو استغلال"، علشان يفرقوا ما بينه وبين أشكال تانية من التأثير، زي الإقناع مثلًا. بس ده بيفتح أسئلة أكتر، زي مثلًا: يعني إيه بالظبط "استغلالي"؟
الخداع سهل تعريفه: هو إخفاء أو تغيير الحقيقة بقصد.
- بس يا ترى الخداع ينفي الإقناع؟
- يعني ينفع يحصلوا مع بعض؟
في إنترفيو شغل، غالبًا مش هتقول إنك كنت بتتأخر علشان كنت صحيان من سهرة تقيلة مثلًا... هل ده يعتبر تلاعب؟
ممكن تقول إن اللي بيعيّن بيكون فاهم إن الناس هتتكلم عن الحاجات الحلوة فيهم، وهتهرب من العيوب. يعني في الحالة دي، مش دايمًا نقدر نقول إنك كدّاب لو خبّيت شوية معلومات.
يعني كمان توقّعات الناس ليها دور في تحديد إذا كان التصرف ده تلاعب ولا لا، وفين الخط الفاصل ما بين التلاعب والتأثير العادي.
نسيب الأخلاق على جنب شوية، فيه كلمة تانية في التعريف الواسع ده تستاهل تركيز.
لما نقول إن التلاعب هو "محاولة"، ده معناه إنه يفضل تلاعب حتى لو ما نجحش. يعني الفعل نفسه هو المحاولة، مش النتيجة.
والغريب إن اللي بيحاول يتلاعب وبيتفشّ، هو اللي الناس بتعتبره متلاعب أكتر من اللي بينجح في التلاعب وبيعدي من غير ما حد ياخد باله.
أكيد عندك حد في حياتك – قريب أو زميل شغل – شايف إنه متلاعب.
- بس فكّرت قبل كده الناس التانية شايفاه إزاي؟
- هل معروف عنه التلاعب؟
- وهل ده مأثر على نجاحه؟
الإجابة معقدة.
يعني لو حد زملائه في الشغل شايفينه متلاعب، بس مع كده ليه تأثير على المدير، ممكن الناس تعتبره ناجح برضه.
وأنت بتفكر في التلاعب بالناس، مهم تحط أهداف واضحة. ده هيساعدك تاخد قرارات عقلانية وموضوعية، وده سر النجاح في الموضوع. لحد اللحظة دي، الأسئلة كتير والإجابات قليلة.
الفرق بين التلاعب والتأثير
العالم دلوقتي بقى بيستخدم كلمة "إنفلونسر" علشان يوصف الناس اللي عندهم متابعين كتير على السوشيال ميديا، واللي يقدروا يأثروا على غيرهم بالمحتوى اللي بيقدموه.
مش محتاج تكون عبقري علشان تفهم إن الكلمة دي جاية أصلاً من عالم الإعلانات.
وبما إن سلوك المستهلكين بيتغير، المعلنين بقوا ياخدوا بالهم من كده، وبيحاولوا أكتر وأكتر يستغلوا قوة الإنفلونسرز علشان يسوّقوا منتجاتهم. وبيعملوا كده بطرق مختلفة: سواء برعايات مدفوعة أو مجانية، أو عن طريق صفقات واتفاقات ترويجية.
في بعض الأحيان، الإنفلونسرز بيقولوا إن في اتفاق، وفي مرات تانية ما بيقولوش حاجة.
وبتظهر تاني هنا أسئلة أخلاقية، خصوصًا لو الإنفلونسر بيبان إنه زبون مبسوط، بس في الحقيقة هو بيقبض من الشركة اللي بتبيع المنتج.
أكيد كان ممكن نتفادى الأزمة الأخلاقية دي لو المعلنين اختاروا يسمّوا الناس دي "متلاعبين" بدل "مؤثرين"! بس مش غريب إنهم ما عملوش كده.
اللي بيظهر هنا إن الناس فعلاً متوقعين إن المعلنين يتلاعبوا بيهم، بس في نفس الوقت، صعب جدًا تتخيّل إنهم يعترفوا بده صراحةً.
نجوم إنستجرام بيكتبوا في البروفايل بتاعهم إنهم "إنفلونسرز" وهم مبسوطين جدًا، ومن غير ما يكون للكلمة أي معنى سلبي. بس الحقيقة إن أهداف كتير من الإنفلونسرز، خصوصًا اللي بيشتغلوا مع المعلنين، هي أهداف تلاعبية من الأساس.
الموضوع مش حتى في منطقة رمادية كده ولا كده. الإنفلونسر هدفه الأساسي إنه يبيع منتجات لمتابعينه علشان يكسَب فلوس.
مستحيل تعرف إذا كان كل واحد بيتأثر بيهم فعلاً هيستفيد من المنتج، أو وضعه المادي يسمح، أو حتى ظروفه الشخصية مناسبة. وفي الحالة دي، الإنفلونسر بيحط مصلحته الشخصية فوق أي حاجة تانية.
التلاعب مش لازم يكون فيه نية إنك تأذي حد. بس لازم، ولو حتى بنسبة بسيطة، يكون الهدف الأساسي هو مصلحة الشخص المتلاعب. وده جزء مهم من الصورة.
وكمان، أحسن وأأمن وأكتر منطقية إننا نعتبر "التأثير" مصطلح كبير بيشمل تحته التلاعب، وكمان طرق تانية للتأثير زي الإلهام والتقليد.
الفرق بين التلاعب والإقناع
الكلمتين دول ممكن يبانوا كأنهم عكس بعض تمامًا، على اعتبار إن الإقناع هو النسخة "الصادقة" من التلاعب، واللي الشخص فيها بيكون واضح وصريح بخصوص أهدافه وآراءه.
بس بالنسبة لهدف المقال ده، هيكون أنسب إننا نعتبر إن الإقناع مجرد مستوى من مستويات التلاعب، أقل منه شوية.
يعني الإقناع، في الحالة دي، بيبقى وسيلة من وسائل التلاعب، واللي هو بدوره نوع من أنواع التأثير. والإقناع كمان من الطرق اللي مش دايمًا فعّالة قوي في التلاعب.
كم مرة دخلت في مناقشة مع حد، وفجأة لقيته رافع إيده بيقولك: "تمام، أنا مقتنع، عندك حق ١٠٠٪"؟ نادر جدًا صح؟ ممكن تعد المرات دي على صوابعك – لو حصلت أصلاً.
ممكن تبقى قادر تقنع حد إن التدخين مضر، بس تقدر تقنعه يبطل؟
ده اللي مش سهل.
ولو كانت الحكاية كده بسيطة، الحكومات ما كانتش فرضت ضرائب تقيلة على السجاير علشان تقلل استخدامها.
حسب التعريف، الحكومة بتحاول تتلاعب في استهلاك التبغ (السجاير يعني) وبتستخدم طرق مختلفة، منها الإقناع، علشان توصل لهدفها.
طب إيه بقى عن باقي أنواع التأثير؟ وباقي وسائل التلاعب؟
بص، التلاعب لازم يكون فيه نية، ولازم يكون وراه هدف – حتى لو الهدف ده إنه يخلق فوضى. يعني، مخرج جامد ممكن يأثر في شغل غيره، بس ده مختلف تمامًا عن التلاعب.
المخرج مش بيكون هدفه يأثر على غيره (رغم إنه ممكن يحصل كده)، لكن التأثير بيجي عن طريق رد فعل الناس على شغله، وده بيوصل للإلهام أو التقليد. وبرضه، الإقناع مش الوسيلة الوحيدة اللي تقدر تستخدمها في التلاعب.
طريقة بديلة وسهلة:
الكذب – وده نوع من أنواع الخداع. لما تكذب ويتصدق، أكيد ده هيغير نظرة اللي صدّق الكذبة. وزي ما قلنا قبل كده، التلاعب بيفضل تلاعب، سواء نجح أو فشل.
الإقناع، زي التأثير، ماعندوش نفس السمعة السيئة اللي التلاعب بيشيلها. بالعكس، ده حتى الناس بتشوف إن اللي بيعرف "يقنع" الناس عنده مهارة حلوة.
بس بردو، الجملة بتاعت "أنا بعرف أقنع جدًا" ساعات بيبقى فيها لمحة تهديد... كأنها بتقول إن الشخص ده ممكن يفرض سيطرته على حد – وممكن يكون فيها نوع من الاستغلال.
وكمان، لما أصحاب الشغل بيتكلموا عن مهارة "الإقناع" كـ"مهارة ناعمة"، ساعات بيكون ده مجرد تعبير ناعم عن التلاعب. على الأقل جزئيًا.
تعريف التلاعب
وإحنا بنختم الجزء ده، بقى ممكن نحط تعريف مناسب ومفيد للتلاعب علشان نكمل بيه باقي المقال !
التلاعب هو نوع من أنواع التأثير المُتعَمَّد، وبيكون على شكل محاولة، من شخص أو جهة (المتلاعب)، إنه يغيّر سلوك شخص تاني أو جهة تانية (الهدف)، وغالبًا علشان يحقق هدف في مصلحة المتلاعب.
التعريف ده مش بيقول إن فيه نية شر، ولا بيحدد إذا كان المتلاعب بيشتغل لصالح، ضد، أو مالوش دعوة بمصلحة الشخص اللي بيتلاعب بيه. كل الاحتمالات دي واردة.
التعريف ده بيوصل لتعريف محايد للتلاعب، مش مربوط بأفكار أخلاقية شخصية. بس ده مش معناه إنك ترمي أخلاقك في الزبالة برضه! 😅
التعريف ده مفيد لأنه موضوعي وواضح. وكمان مفيد علشان في المقال ده، هتتعلم تقنيات تلاعب تساعدك تحقق أهدافك.
وبالمناسبة دي، هيكون غلط إننا نستبعد الإقناع، لإنه بيلعب دور مهم جدًا في التلاعب، ومش ممكن نفصله عن النصايح اللي هتتقال في المقال ده.
لكن مع ذلك، لسه في مشكلتين !
1. الأولى بتتعلق بـ"التأثير المتعمد"
النية هنا صعبة شوية، لأنها بتفترض وجود مسؤولية. والحقيقة إن كل الناس بتتلاعب باللي حواليهم طول الوقت، حتى من وهم أطفال صغيرين.
يعني غلط نقول إن نوبة غضب طفل مش تلاعب، لمجرد إنه مش كبير كفاية علشان يفكر بعقل. ونفس الكلام ينطبق على الكبار لما يعملوا حركات مشابهة.
فالنية هنا مش شرط تكون مقصودة أو واعية... ممكن تكون غريزية. وده بيخلينا نعترف إن في ناس فعلًا بطبعهم متلاعبين.
2. المشكلة التانية هي النهاية الغامضة في التعريف
"وغالبًا لتحقيق هدف في مصلحة المتلاعب." المشكلة مش بس في تعريف "مصلحة المتلاعب"، لكن كمان كلمة "غالبًا" بتفتح الباب لخيارات كتير جدًا ومش واضحة.
الجزء ده معمول بس علشان نطبّق فكرة التلاعب على سياق المقال ده، ومش هينفع كتعريف عام لكل الحالات.
- يعني هو فيه حد أصلًا بيعرف مصلحته الحقيقية ١٠٠٪؟
- يعني ممكن تتلاعب بحد وتنجح، بس في الآخر النتيجة تكون نهايتك أنت!
المشكلة التانية دي هنتكلم عنها بعدين في المقال ، في الأماكن اللي هتكون مناسبة !
ورغم العيوب اللي فيه، التعريف ده كفاية علشان نكمل بيه الاجزاء القادمة فى المقال.
أمثلة على التلاعب
بعد ما حطينا تعريف التلاعب، دلوقتي ينفع نبص على شوية أمثلة علشان نفهم أكتر. بعض الأمثلة دي بتحصل في حياتنا اليومية، وفي أمثلة تانية بتحصل في مواقف خاصة أو ضخمة.
ورغم إن المقال ده بيركّز على التلاعب الشخصي، بس مفيش فرق كبير في النظرية بين التلاعب على مستوى فردي وبين التلاعب على مستوى كبير.
المبادئ واحدة في الغالب، لكن التفاصيل العملية للتلاعب – زي الخداع – ممكن تكون أعقد في حالات كبيرة، زي مثلاً بين دول بتحارب بعض.
الإعلانات
حتى أبسط إعلان في الدنيا بيحاول يوصّلك معلومة علشان يغيّر طريقة تفكيرك أو تصرفك. وبحسب تعريف المقال ، ده يعتبر تلاعب.
بعض الإعلانات نيتها ممكن تكون كويسة، زي إعلانات التبرعات للجمعيات الخيرية (رغم إن فيه ناس شككوا في مصداقية الجمعيات دي في مواقف كتير) أو إعلان بيقولك على عروض أو خصومات حقيقية ممكن تستفيد منها.
لكن في الناحية التانية، في إعلانات بتشتغل بأساليب خبيثة أكتر، زي الإنفلونسرز اللي بيحاولوا يأثروا على قراراتك الشرائية عن طريق إنهم يخلوك تقلّد أسلوب حياتهم.
وفيه كمان إعلانات على الإنترنت شبه المحتوى العادي جدًا، واللي حتى المواقع المحترمة بتحط عليها بس كلمة صغيرة زي "مُموَّل" أو "Sponsored"، وفي أوقات الإعلانات دي ما بيبقاش واضح إنها إعلان من الأساس.
الإعلانات ممكن تتلاعب بيك لما تركز على الجوانب الإيجابية في المنتج أو الخدمة وتخفي العيوب. عشان كده صعب تعتمد على الإعلانات كمصدر معلومات موثوق، لأنها بطبعها منحازة.
وفيه طرق زي "الإعلانات اللاواعية" (اللي بتوصل لدماغك من تحت لتحت) بتستخدم حيل قوية علشان تغرز صورة المنتج في عقلك الباطن.
ممكن تكون شفت أمثلة مشهورة، زي صور أو رسائل جنسية مستخبية في شكل كاسات كوكتيل علشان يعلنوا عن الكحول... بس دي مجرد قشة من فوق سطح التلاجة (يعني ده مجرد جزء بسيط من اللي بيحصل).
الاستراتيجيات العسكرية
التاريخ مليان أمثلة لخصوم عسكريين بيحاولوا يتلاعبوا ببعض. وزي الإعلانات، التلاعب هنا متوقع جدًا وطبيعي يحصل. ولو كنت مؤمن بالقضية اللي بتحارب علشانها، ممكن تعتبر إن التلاعب في العدو مبرَّر أخلاقيًا بأي طريقة.
في معركة هاستينجز سنة 1066، ويليام الفاتح (تنبيه بالحرق 😂) غزا إنجلترا بجيشه اللي كان فيه عدد كبير من الفرسان اللي بيركبوا خيل. قابله هناك هارولد جودوينسون، اللي لسه متوّج ملك على إنجلترا وقتها، عند هاستينجز قريب من القنال الإنجليزي.
حسب القصة المشهورة، هارولد وقف هو وجيشه فوق تل، واستنى الغزاة وهما جايين عليه. ويليام لما شاف إن الوضع صعب عليه لأنه بيحارب طالع على تل، أمر جيشه بالانسحاب علشان يوقع المدافعين في الفخ ويخليهم يجروا وراه. والخطة نجحت فعلًا.
هارولد لما حس إنه كسبان، جري ورا جيش ويليام ونزلوا من فوق، وده خلاهم يخسروا الميزة اللي كانت في صالحهم. والباقي معروف: فرسان ويليام قدروا يهزموا جيش هارولد اللي أغلبه كان مشاة، وحقق نصره على أكبر خصم ليه في إنجلترا.
ورغم إن في ناس بتشكك في دقة القصة، لكن العبرة منها واضحة: لو عرفت تتلاعب بعدوك صح، تقدر تكسب. وكمان تقدر تلاقي حروب كاملة اتبنت على شخصية القادة العسكريين.
روميل، القائد الألماني في الحرب العالمية التانية، اشتهر بذكاءه الاستراتيجي في معارك شمال أفريقيا ضد الحلفاء، واتلقّب بـ"ثعلب الصحراء".
الأساليب اللي بتستخدم لتشويش أو تزييف المعلومات اللي العدو بياخدها في الحرب هي نفس المبادئ اللي ممكن تستخدمها مع أي حد تاني في التلاعب.
كمان تقدر تشوف شبه كبير بين الكلام ده وبين ألعاب زي الشطرنج أو ألعاب الفيديو الاستراتيجية، اللي النجاح فيها بييجي من إنك تضحك على خصمك وتخفي نواياك الحقيقية.
عالم الشغل والوظائف
لو بتشتغل في شركة، فأكيد قابلت ناس طموحة شغالة على إنها تطلع السلم الوظيفي بسرعة. وبرضه، في عالم الشغل، شوية تلاعب بيبقوا طبيعيين ومتوقعين.
وده واحد من الأسباب اللي بتخلي الشغل مع أصحابك يسبب مشاكل، لإن فيه تعارض بين علاقتين: واحدة تنافسية، والتانية داعمة.
في الحياة المهنية، بتتعرض لأنواع كتير من العلاقات. علاقتك بزمايلك في الفريق غير علاقتك بالمدير، وغير علاقتك باللي تحتيك في الشغل.
الهياكل الإدارية دلوقتي بقت أبسط، والطريقة اللي المدير بيكون فيها مجرد سلطة وبيأمر، ما بقتش تمشي زي زمان.
يعني المسؤولية دلوقتي بقت على المديرين وقادة الفرق إنهم "يحفّزوا" الموظفين. والفكرة كلها في "التحفيز" وده هو نوع تاني من التلاعب 😉
الجزء ده والمقال مركز بشكل خاص على العلاقات المهنية والشخصية، فاستعد تشوف أمثلة كتير تخص التلاعب في الشغل.
العلاقات الشخصية
الجزء ده هو أكتر مجال مثير للجدل لما بنتكلم عن التلاعب، والغريب إنه في نفس الوقت ممكن يكون أكتر مجال طبيعي بيحصل فيه تلاعب!
من أول لحظة بتتولد فيها، أنت متبرمج تلقائيًا على إنك تعيط – وسيلة بسيطة وفعالة علشان تعبّر عن احتياجاتك وتاخد رعاية واهتمام.
التلاعب بيحصل جوّه العلاقات العائلية، وكمان في الصداقة، والعلاقات العاطفية.
السبب في الجدل ده إن فكرة إنك "ترتب" إنك تتلاعب بشخص قريب ليك – سواء حبيب أو صاحب أو حتى من العيلة – بتبان كأنها حاجة مش طبيعية، ومبنية على حب السيطرة. بس، زي ما اتعودنا، في دايمًا مناطق رمادية.
من الطبيعي جدًا إن الأب أو الأم يتلاعبوا بسلوك ابنهم أو بنتهم من خلال نظام الحوافز والعقاب.
الناس عادة بتعتبر ده جزء من التربية، ومن نمو الطفل بشكل سليم، علشان يبقى مستعد للكبر. لكن بقى التلاعب في علاقة عاطفية بيعتبره الناس تصرف غير شهم، أو مش نضيف.
الناس بتفتكر إن اللي بيتلاعب في علاقة حب، بيكدب وبيبتز عاطفيًا، علشان يخبي تصرفاته أو يحبس الطرف التاني في العلاقة.
بس على الناحية التانية، ممكن الناس تمدح التلاعب – حتى لو فيه كدب – لو الهدف منه كان مساعدة الطرف التاني إنه يبطل سجاير، أو يخس، أو يعمل حاجة مفيدة.
الأسئلة الأخلاقية دي هنتكلم عنها قدام في فصل مخصوص. دلوقتي، إحنا بس محتاجين نلاحظ السيناريوهات المختلفة اللي ممكن يكون فيها تلاعب موجود.
جرّب تبص حوالينك وتلاحظ أمثلة لتلاعب بتحصل، وشوف الآليات اللي وراها شغالة إزاي.
مميزات التلاعب
الجزء ده مش طويل. وفوايد التلاعب واضحة جدًا، زي ما فوايد سرقة بنك واضحة برضه 😅
لما تعرف تتلاعب بالناس بنجاح، ده وسيلة تخلّي العالم حواليك يتغيّر على مزاجك ويخدم مصلحتك. الكلام ده ممكن يبان شرير شوية، بس خليك فاكر إنك غالبًا أصلًا بتعمله دلوقتي بشكل أو بآخر.
وعلشان نفرّق بين اللي بتعمله من غير ما تحس، وبين اللي ممكن تتعلمه من الكتاب، خد الفصل ده على إنه بيشرح فوايد التلاعب اللي بيحصل بقصد، وبتخطيط، وبكفاءة.
تحقق أهدافك
ببساطة كده! لما تتلاعب بالناس صح، تقدر تغيّر سلوكهم، أو نظرتهم، أو حتى أهدافهم... وكل ده علشان يخدم مصلحتك. بس التلاعب الفعّال هدفه يزوّد نسبة نجاحك.
يعني مثلًا، ممكن كل الموظفين يتلاعبوا بالمدير بدرجات مختلفة علشان الترقية، بس في الآخر فيه واحد بس هو اللي هيترقى.
إنك تشتغل جامد ده بداية كويسة، وإنك تشتغل بذكاء أحسن كمان. بس لو اعتمدت على الكفاءة لوحدها، ممكن ما توصّلش للنتيجة اللي عايزها.
السؤال هنا: إزاي تخلي المدير هو اللي عايز يرقّيك، ومش حد تاني؟
لو فهمت ده، هيبقى عندك الأفضلية. وبرضه، فرق كبير بين إنك تقول لحد إنك معجب بيه، وإنك تبقى أنت الشخص اللي هو نفسه يعجب بيك.
التلاعب الفعّال بيخليك تجهّز الوضع حوالينك بحيث إن نجاحك يكون هو الاحتمال الأكبر... أو حتى يكون هو النتيجة الحتمية.
مساعدة الآخرين
لو مؤمن بقضية معينة، تقدر تساعدها إنها تنجح عن طريق التلاعب. يعني ممكن الموضوع يبقى بسيط زي "حصالة الشتيمة" علشان تبطّل قريبك يشتم، أو كبير زي كسب تأييد لحزب سياسي.
هي نفس الفكرة بتاعة تحقيق أهدافك، بس بدل مصلحتك، بتحط مكانها مصلحة حد تاني أو كيان تاني. وزي ما قلنا في التعريف، التلاعب هو نوع من أنواع التأثير.
ازاى تحمى نفسك من تلاعب الآخرين
كل ما فهمت التلاعب أكتر، كل ما بقيت جاهز تحمي نفسك منه.
لما تلاحظ تصرفات التلاعب عند غيرك، مش بس هتحمي نفسك، لكن كمان هتفهم أهدافهم أكتر.. وده هيمدّك بمعلومات تقدر تستخدمها في التلاعب بيهم كمان.
مش صعب تبقى واعي بالمواقف اللي ممكن فيها حد يحاول يتلاعب بيك. اللي أصعب بقى هو إنك دايمًا تعرف إنك فعلًا بتتعرّض لتلاعب.
جزء مهم جدًا من ده إنك تفهم أهداف الناس التانيين، وإزاي بيحاولوا يحققوها في اللحظة اللي إنت فيها. ولما يكون معاك المعلومات دي، مش بس هتعرف تحلل سلوكهم، ده ممكن كمان تتوقع تصرفاتهم الجاية.
الكلام ده محتاج ذكاء عاطفي، لإن لازم تكون قادر تحط نفسك مكان الشخص اللي قدامك. ولما تحب تطوّر المهارة دي، أحسن نقطة تبدأ منها هي إنك تحلل تصرفاتك بنفسك، وتشوف اختياراتك من وجهة نظر موضوعية.
ده طبعًا محتاج تدريب، لكن هنغطي الموضوع ده بالتفصيل في الاجزاء الجاية
اساسيات التلاعب
ده آخر جزء فى المقال ده، وهدفه يشرح المبادئ الأساسية اللي قايم عليها النصايح العملية في الجزء التاني.
كتير من الأفكار اللي هتتقال هنا هنتكلم عنها بتفصيل أكتر قدام. مش مطلوب منك دلوقتي تبقى محترف في المفاهيم دي، لكن المهم إنك تاخد فكرة عنها وتفهم علاقتها بموضوع التلاعب ككل.
المبادئ دي بتنطبق على كل أساليب التلاعب، وكل مبدأ فيهم هو زاوية لازم تحطها في بالك وانت بتحاول تتلاعب بأي حد.
الأهداف
- إيه اللي بتحاول توصله؟
- هل بتحاول تخلي حد يعمل حاجة؟
- ولا تصدّق حاجة معينة؟
- ولا تغيّر تصرفهم تجاه حد أو موقف معين؟
- أهدافك واضحة ومحددة ولا عامة ومفتوحة؟
- وعندك فكرة عن تأثير الهدف ده على المدى القصير والبعيد؟
كل الأسئلة دي لازم تفكر فيها كويس وأنت بتحدد أهدافك.
الشخص المستهدف
- مين هو الشخص (أو الأشخاص) اللي بتحاول تتلاعب بيه؟
- إيه اللي بيمثّل قيمة بالنسباله؟
- إيه اللي بيخوفه؟
- إزاي بياخد قراراته؟
- إيه نقاط قوته وضعفه؟
كل ما فهمت الشخص أكتر، كل ما كان التلاعب بيه أسهل وأنجح. لازم تعرف دوافعه وشخصيته كويس.
المعرفة
- إيه المعلومات اللي عندك ومش عنده؟
- وهو يعرف إيه وانت لأ؟
- وإيه المعلومات اللي لسه محتاج تعرفها؟
- وإيه اللي لازم تخبّيه؟
المعلومة قوة، والتلاعب بيعتمد على إنك تتحكّم في المعلومة.
قابلية التوقع
- علشان تتلاعب بشخص، لازم تتوقّع رد فعله. لو عملت تصرف معين، رد فعله هيكون إيه؟
- هيفرح؟ يشك؟ يتعصب؟ يتحيّر؟
- إيه الخيارات اللي ممكن يختار منها في الرد؟
- قد إيه احتمال إنه يعمل اللي انت عايزه؟
نادراً ما هتعرف تتوقّع التصرف بدقّة ١٠٠٪، بس كل ما توقّعت بدقّة أكتر، فرصك بتزيد.
المرونة
- هل تقدر تغيّر تصرفك لما الموقف يفرض كده؟
- هل تقدر تخبي مشاعرك الحقيقية؟
- هل تقدر تغيّر طريقتك حسب اللي قدامك؟
- هل عندك سرعة بديهة؟
المتلاعب اللي ماعندوش مرونة، غالبًا هيفشل. لازم تتعلم تغيّر نفسك حسب الموقف والشخص اللي قدامك.
كده الجزء الاول خلص .. تابع الجزء الثانى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
#مهنة_سعيدة